إجلاء نحو 300 مهاجر من تونس إلى مالي وساحل العاج
إجلاء نحو 300 مهاجر من تونس إلى مالي وساحل العاج
عاد ما يقرب من 300 مالي وعاجي إلى بلادهم، السبت، من تونس في إطار عمليّات إجلاء مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، إثر نبرات عدائية واعتداءات تعرضوا لها.
وشدّد الرئيس التونسي في خطاب أدلى به في 21 فبراير على وجوب اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكّداً أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى "عنف وجرائم"، ومنددا بـ"مشروع إجرامي لتغيير التركيبة السكانية" في البلاد.
وأقلعت، السبت، من تونس طائرتان تقلان نحو 300 مهاجر متجهتين نحو مالي وساحل العاج، بحسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.
ومساء السبت، وصل 135 ماليا إلى باماكو، حسب صحفي في وكالة فرانس برس، وكان في استقبالهم وزير الدفاع وشؤون المحاربين القدامى ساديو كامارا ووزير الماليين المقيمين بالخارج الحمد أغ إيلين، الذي أوضح أن الحكومة المالية استأجرت الطائرة، وبحسب الوزير، كان على متن الطائرة 97 رجلا و25 امرأة و13 طفلا.
في أبيدجان، هبطت أيضا طائرة ركاب تقل 145 راكبا مساءً، واستقبلهم رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، حسب صحفي في فرانس برس، ونُقلوا إلى مركز استقبال، حيث سيقضون 3 أيام لتلقي رعاية طبية ونفسية قبل لم شملهم مع عائلاتهم.
وكانت رحلة أولى أعادت حوالي خمسين غينيًا إلى بلدهم، الأربعاء.
وندّدت منظمات حقوقية تونسية ودولية عدة بتصريحات سعيّد واعتبرتها "عنصرية" و"تدعو إلى الكراهية"، كما أثار خطابه جدلا واسعا في تونس، في وقت تكثّفت الاعتداءات ضد مهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، وتدفّق المئات من هؤلاء، وبعضهم مقيمون بصورة قانونية في البلاد، إلى سفاراتهم طالبين مغادرة تونس.
وبين المسافرين نساء ورجال وأطفال، وقال عدد منهم إن المناخ العام في تونس أصبح يهدّد حياتهم.
قال باغرسو سيغو، قبل الصعود إلى حافلة أقلته إلى المطار صباحا: "التونسيون لا يحبوننا، لذا علينا المغادرة، في المقابل، على التونسيين الموجودين عندنا (في بلادنا) أن يغادروا أيضا".
وقال عبدالرحمن دومبيا إنه وصل إلى تونس قبل 4 سنوات للدراسة، لكنه قطع دراسة الماجستير ليرحل، وقال: "الوضع حرج هنا، أنا أعود لأنني لست بأمان".
حالة من القلق
أكد باريل، وهو مهاجر مقيم بتونس بشكل قانوني، إنه قلق على أولئك الذين بقوا، مضيفا: "نطالب بكل احترام الرئيس قيس سعيّد أن يفكر في إخواننا الآخرين وأن يعاملهم معاملة حسنة".
صرّح سفير ساحل العاج في تونس إبراهيم سي سافاني، بأن "عدد المسجّلين للعودة بلغ 1100 حتى الآن".
ويُقدّر عدد أفراد جالية ساحل العاج في تونس بنحو 7 آلاف شخص، وفقا لإحصاءات رسمية.
وكان غينيون عادوا في أول رحلة إجلاء، الأربعاء، إلى بلادهم، تحدّثوا عن "تصاعد الكراهية" بعد خطاب سعيد، وعن "كابوس" عاشوه إثر ذلك في الشارع وفي الأحياء السكنية التي يقطنونها في العاصمة التونسية وفي المحافظات.
وفَقَدَ عدد كبير من الـ21 ألف مهاجر من دول جنوب الصحراء المسجّلين رسمياً في تونس -ومعظمهم في وضع غير قانونيّ- وظائفهم وطردوا من منازلهم بين ليلة وضحاها.
وأوقِفَ العشرات خلال عمليات للشرطة وسُجن بعضهم، وقدّم بعضهم الآخر شهادات لمنظمات حقوقية عن تعرضهم للتعذيب الجسدي، منددين بوجود "ميليشيات" تقف وراء ذلك.
تسبب هذا الوضع المشحون في تدفق عشرات المهاجرين إلى سفاراتهم، ولا سيما لمقر سفارتي ساحل العاج ومالي اللتين سرعان ما استقبلتا مئات الطلبات للمغادرة الفورية من تونس.
في المقابل، توجّه مهاجرون متحدّرون من بلدان ليست لها سفارات في تونس، إلى مقر المنظمة الدولية للهجرة حيث نصبوا خياما وتمركزوا أمام المقر لضمان حمايتهم.
غرامات مالية
قال مصدر في الخارجية التونسية، إن السلطات قررت التراجع عن مطالبة المهاجرين غير القانونيين العائدين إلى بلدانهم بدفع غرامات مالية تعويضا عن إقامتهم بشكل غير قانوني في البلاد بقيمة تصل إلى ثمانين دينارًا (نحو 25 يورو) شهريًا.
وقالت مصادر دبلوماسية تونسية، إن رسالة بهذا المعنى أرسلت إلى البعثات الدبلوماسية الإفريقية في تونس.
وقد تراكمت الغرامات على بعض المهاجرين لتصل إلى أكثر من ألف يورو وهم لا يقدرون على سدادها.
ومن بين المهاجرين العائدين، عشرات الطلاب المتحدّرين من عائلات ميسورة أو المتحصلين على منح دراسية من الدولة والذين التحقوا بجامعات خاصة في العاصمة التونسية.
وندّد "اتحاد الطلاب الأجانب" بأحداث العنف التي وقعت الأحد الفائت واستهدفت "4 طلاب من ساحل العاج"، وبتعرّض "طالبة غابونية أمام منزلها" للعنف.
وطلب الاتحاد من طلاب دول إفريقيا جنوب الصحراء "البقاء في المنزل والخروج فقط في حالة الحاجة القصوى".